فصل: د- في الأيمان التي يحلف بها الحكماء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التعريف بالمصطلح الشريف



.الإمامية:

وأما الإمامية فهم القائلون بأنهم اثنا عشر إماما: أولهم علي كرم الله وجهه، وآخرهم المنتظر في آخر الزمان، وهم الذين خالفتهم الإسماعيلية، فقالت الإسماعيلية بإمامة إسماعيل بن جعفر وقال هؤلاء بإمامة موسى الكاظم ابن جعفر. وهم مسلمون إلا أنهم أهل بدعة كبيرة سبابة.
وهؤلاء يمينهم (إنني والله والله والله العظيم، الرب الواحد الأحد، الفرد الصمد، وما أعتقده من صدق محمد (ص) ونصه على إمامة ابن عمه ووارث علمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم غدير خم، وقوله: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأدر الحق على لسانه كيفما دار) وإلا كنت مع أول قائم يوم السقيفة، آخر متأخر يوم الدار، ولم أقل بجواز التقية خوفا على النفس، وأعنت ابن الخطاب، واضطهدت فاطمة الزهراء، ومنعتها حقها من الإرث، وساعدت في تقديم تيم وعدي وأمية، ورضيت بحكم الشورى، وكذبت حسان بن ثابت يوم عائشة، وقمت معها يوم الجمل، وشهرت السيف مع معاوية في صفين، وصدقت دعوى زياد، ونزلت على حكم ابن مرجانة، وكنت مع عمر بن سعد في قتال الحسين، وقلت إن الأمر لم يصر بعد الحسن إلى الحسين، وساعدت شمر بن ذي الجوشن على فعل تلك البلية، وسبيت أهل البيت، وسقتهم بالعصي إلى دمشق، ورضيت بإمارة يزيد، وأطعت المغيرة بن شعبة، وكنت ظهيرا لعمرو بن العاص، ثم لبسر بن أبي أرطأة، وفعلت فعل عقبة بن عبد الله المري، وصدقت رأي الخوارج، وقلت إن الأمر لم ينتقل بعد الحسين بن علي في أبنائه إلى تمام الأئمة إلى الإمام المهدي المنتظر، ودللت على مقاتل أهل البيت بني أمية وبني العباس، وأبطلت حكم التمتع، وزدت في حد الخمر ما لم يكن، وحرمت بيع أمهات الأولاد، وقلت برأيي في الدين، وبرئت من شيعة أمير المؤمنين، وكنت مع هوى أهل الشام والغوغاء القائمة بالنهروان، واتبعت خطأ أبي موسى، وأدخلت في القرآن ما لم يثبته ابن مسعود، وشركت ابن ملجم وأسعدته في صداق قطام، وبرئت من محبة همدان، ولم أقل باشتراط العصمة في الإمام، ودخلت مع أهل النصب الظلام).

.الزيدية:

وأما الزيدية فهم أقرب القوم إلى القصد الأمم، وقولهم إن أبا بكر وعمر- رضي الله عنهما- أئمة عدل وإن ولايتهما كانت لما تقتضيه المصلحة، مع أن عليا- رضي الله عنه- أفضل منهما، ويرون جواز ولايته المفضول على الفاضل في بعض الأحيان لما تقتضيه المصلحة أو لخوف الفتنة. ولهذه الطائفة إمام باق إلى الآن باليمن، وصنعاء دارهن وأمراء مكة المعظمة منهم.
وحدثني الشريف مبارك ابن الأمير عطيفة بن أبي نمي أنهم لا يدينون إلا بطاعة ذلك الإمام، ولا يرون إلا أنهم نوابه، وإنما يتوقون صاحب مصر لخوفهم منه وللإقطاع، وصاحب اليمن لمداراتهم لواصل الكاوم ورسوم الأنعام. وكانت لهؤلاء دولة قديمة بطبرستان فزالت إلا هذه البقية.
وهؤلاء أيمانهم أيمان أهل السنة، ويزاد فيها:
(. . . وإلا برئت من معتقد زيد بن علي، ورأيت أن قولي في الأذان: (حي على خير العمل) بدعة، وخلعت طاعة الإمام المعصوم الواجب الطاعة، وادعيت أن المهدي المنتظر ليس من ولد الحسين بن علي، وقلت بتفضيل الشيخين على أمير المؤمنين علي وبنيه، وطعنت في رأي ابنه الحسن على ما اقتضته المصلحة وطعنت عليه فيه).

.الدرزية:

وأما غير هؤلاء ممن يحتاج إلى تحليفه، ويضمه نطاق التصرف في لفيفه، فهم طائفة الدرزية؛ وهي بئست الطائفة الآمنة الخائفة؛ وشأنهم شأن النصيرية في استباحة فروج المحارم وسائر الفروج المحرمة، وهم أشد كفرا ونفاقا منهم، وأبعد من كل خير، وأقرب إلى كل شر. وانتماؤهم إلى أبي محمد الدرزي؛ وكان من أهل موالاة الحاكم أبي علي المنصور بن العزيز خليفة مصر. وكانوا أولا من الإسماعيلية، ثم خرجوا عن كل ما تمحلوه، وهدموا كل ما أثلوه؛ وهم يقولون برجعة الحاكم، وأن الألوهية انتهت إليه وتديرت ناسوته، وهو يغيب ويظهر بهيئته، ويقتل أعداءه قتل إبادة لا معاد بعده؛ وهم ينكرون المعاد من حيث هو، ويقولون نحو قول الطبائعية: إن الطبائع هي المولدة، وإن الموت بفناء الحرارة الغزيرية كانطفاء السراج بفناء الزيت إلا من اعتبط، ويقولون: دهر دائم، وعالم قائم؛ أرحام تدفع، وأرض تبلع.
وأصل هذه الطائفة هم الذين زادوا في البسملة أيام الحاكم فكتبوا: (بسم الحاكم الله الرحمن الرحيم)، فلما أنكر عليهم كتبوا: (بسم الله الحاكم الرحمن الرحيم) فجعلوا في الأول (الله) صفة للحاكم، وفي الثاني العكس. ومن هؤلاء أهل كسروان ومن جاورهم. وكان شيخنا ابن تيمية- رحمه الله- يرى أن قتالهم وقتال النصيرية أولى من قتال الأرمن: لأنهم عدو في دار الإسلام، وشر بقائهم أضر.
وهؤلاء أيمانهم:
(إنني والله، وحق الحاكم، وما اعتقده في مولاي الحاكم، وما اعتقده أبو محمد الدرزي الحجة الواضحة، ورآه الدرزي مثل الشمس اللائحة، وإلا قلت إن مولاي الحاكم مات وبلي، وتفرقت أوصاله وفني، واعتقدت تبديل الأرض والسماء، وعود الرمم بعد الفناء، وتبعت كل جاهل، وحضرت على نفسي ما أبيح لي، وعملت بيدي على ما فيه فساد بني، وكفرت بالبيعة المأخوذة، وألقيتها ورائي منبوذة.).

.الطائفة الثانية: الخوارج:

وأما الخوارج فهم الفرقة المباينة للسنة والشيعة؛ وهم الذين أنكروا التحكيم وقالوا: لا حكم إلا لله، وكفروا عليا رضي الله عنه ومعاوية وسائر من خالفهم ممن لم ير رأيهم؛ وهم طوائف، ومنهم الآن الوهبية.
وأيمانهم أيمان أهل السنة، ويزاد فيها:
(. . . وإلا أجزت التحكم، وصوبت قول الفريقين في صفين، وأطعت بالرضى مني حكم أهل الجور، وقلت في كتاب الله بالتأويل، وأدخلت في الدين ما ليس منه، وقلت إن إمارة بني أمية عدل، وإن قضائهم حق، وإن عمرو ابن العاص أصاب، وإن أبا موسى ما أخطأ، واستبحت الأموال والفروج بغير حق، واجترحت الكبائر والصغائر، ولقيت الله مثقلا بالأوزار، وقلت إن فعلت عبد الله ابن ملجم كفر، وإن قاتل خارجة آثم، وبرأت من فعلة قطام، وخلعت طاعة الرءوس، وأنكرت أن تكون الخلافة إلا في قريش، وإلا فلا رويت سيفي ورمحي من دماء المخطئين).

.الطائفة الثالثة: القدرية:

ويميتهم: (والله والله والله العظيم، ذي الأمر الأنف، خالق الأفعال والمشيئة، وإلا قلت بأن العبد غير مكتسب، وأن الجعد بن درهم محتقب، وقلت بأن هشام بن عبد الملك أصاب دما حلالا منه، وإن مروان بن محمد كان ضالا في اتباعه، وآمنت بالقدر خيره وشره، وقلت إن ما أصابني لم يكن ليخطئني، وما أخطئني لم يكن ليصيبني، ولم أقل إنه إذا كان أمر قد فرغ منه ففيم أسدد وأقارب، ولم أطعن في رواة الحديث: اعملوا فكل ميسر لما خلق له ولم أتأول معنى قوله تعالى {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم}، وبرئت مما أعتقد، ولقيت الله وأنا أقول إن الأمر غير أنف، وبالله التوفيق والعصمة).

.د- في الأيمان التي يحلف بها الحكماء:

(إنني والله والله والله العظيم، الذي لا إله إلا هو، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الأبدي، السرمدي، الأزلي، الذي لم يزل علة العلل، ورب الأرباب، ومدبر الكل، القدير القديم، الأول بلا بداية، والآخر بلا نهاية، المنزه أن يكون حادثا أو عرضا للأحداث، الحي الذي اتصف بصفات البقاء والسرمدية والكمال، المتردي برداء الكبرياء والجلال، مدبر الأفلاك، ومسير الشهب، مفيض القوى على الكواكب، وباث الأرواح في الصور، مكون الكائنات، ومنمي الحيوان والمعدن والنبات،. . . وإلا فلا رقيت روحي إلى مكانها، ولا اتصلت نفسي بعالمها، وبقيت في ظلم الجهالة وحجب الضلالة، وفارقت نفسي غير مرتسمة بالمعارف ولا مكملة بالعلم، وبقيت في عوز النقص وتحت إمرة البغي، وأخذت بنصيب من الشرك، وأنكرت المعاد، وقلت بفناء الأرواح، ورضيت في هذا بمقالة أهل الطبيعة، ودمت في قيد المركبات وشواغل الحس، ولم أدرك الحقائق على ما هي عليه،. . وإلا فقلت إن الهيولى غير قابلة لتركيب الأجسام، وأنكرت المادة والصورة، وخرقت النواميس، وقلت إن التحسين والتقبيح إلى غير العقل، وخلدت مع النفوس الشريرة، ولم أجد سبيلا إلى النجاة، وقلت: إن الإله غير فاعلا بالذات، ولا عالما بالكليات، ودنت بأن النبوات متناهية وإنها غير مكسبية، وحدت عن طرائق الحكماء، ونقضت تقرير القدماء، وخالفت الفلاسفة، ووافقت على إفساد الصور للعبث، وحيزت الرب في جهة، وأثبت أنه جسم، وجعلته فيما يدخل تحت الحد والماهية، ورضيت بالتقليد في الألوهية).

.القسم الرابع: في الأمانات والدفن والهدن والمواصفات والمفاسخات:

.أولا: الأمانات:

فأما الأمانات فهي أقواها دلالة على اشتداد سلطان من كتب عنه الأمان إذ كان يؤمن الخائف أمنا لا عوض عنه في عاجل ولا آجل. ويختلف الشأن في ذلك، ويجمع المقاصد أن يكتب بعد البسملة:
(هذا أمان الله تعالى، وأمان نبيه سيدنا محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم وأماننا لفلان ابن فلان الفلاني (ويذكر أشهر أسمائه وتعريفه) على نفسه وأهله وماله، وجميع أصحابه وأتباعه وكل ما يتعلق به: من قليل وكثير، وجليل وحقير، أمانا لا يبقى معه خوف ولا جزع في أول أمره ولا آخره، ولا عاجله ولا آجله، يخص ويعم، وتصان به النفس والأهل والولد والمال وكل ذات اليد. فليحضر هو وبنوه، وأهله وذووه وأقربوه، وغلمانه وكل حاشيته، وجميع ما يملكه من دانيته وقاصيته، وليصل بهم إلينا، ويفد على حضرتنا في ذمام الله وكلاءته وضمان هذا الأمان، له ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يناله مكروه منا، ولا من أحد من قبلنا، ولا يتعرض إليه بسوء ولا أذى، ولا يرنق له مورد بقذى؛ وله منا الإحسان، والصفاء بالقلب واللسان، والرعاية التي تؤمن سربه، وتهنئ شربه، ويطمئن بها خاطره، ويرفرف عليها كالسحاب لا يناله إلا ماطره.
فليحضر واثقا بالله تعالى وبهذا الأمان الشريف؛ وقد تلفظنا له به ليزداد وثوقا، ولا يجد بعده سوء الظن إلى قلبه طريقا؛ وسبيل كل واقف عليه إكرامه في حال حضوره، وإجراؤه على أحسن ما عهد من أموره، وليكن له ولكل من يحضر معه وما يحضر أوفر نصيب من الإكرام، وتبليغ قصارى القصد ونهاية المرام، والاعتماد على الخط الشريف أعلاه).

.ثانيا: الدفن:

وهو وإن كان أقوى من هذا سببا، وأسل لما في الصدور، فإنه مؤخر عن رتبته لقلة وقوعه عند الملوك، وبعد طريقهم فيه عن جادة السلوك. وهو كثير متداول بين العربان، ولا يطمئن خاطر المذنب منهم إلا به. وطريقتهم فيه أن يجتمع أكابر قبيلة الذي يدفن بحضور رجال يثق بهم المدفون له، ويقوم منهم رجل ثم يقول للمجني عليه: نريد منك الدفن لفلان، وهو مقر بما أهاجك عليه، ثم يعدد ذنوبه التي أخذ بها، ولا يبقي منها بقية. ويقر الذي يدفن القائل على أن هذا جملة ما نقمه على المدفون له، ثم يحفر بيده حفيرة في الأرض ويقول: (قد ألقيت في هذه الحفيرة ذنوب فلان التي نقمتها عليه، ودفنتها له دفني لهذه الحفيرة). ثم يرد تراب الحفيرة إليها حتى يدفنها بيده. ولم تجر للعرب عادة بالكتابة في ذلك، بل يكتفى في هذا بما كان بمحضر كبار الفريقين؛ ثم لو كانت دماء أو قتلى عفيت وعفت بها آثار الطلائب.
فأما إذا كانت من الملوك كتب بعد البسملة:
(هذا دفن لذنوب فلان، من الآن لا تذكر ولا يطالب بها، ولا يؤاخذ بسببها، اقتضته المراحم الشريفة السلطانية الملكية الفلانية- ضاعف الله حسناتها وإحسانها: وهي ما بدى من الذنوب لفلان من الجرائم التي ارتكبها، والعظائم التي احتقبها، وحصل العفو الشريف عن زللها، وقابل الإحسان العميم بالتغمد سوء عملها؛ وهي كذا وكذا (وتذكر) دفنا لم تبق معه مؤاخذة بسبب من الأسباب، ومات به الحقد وهيل عليه التراب، ولم يبق معه لمطالب بشيء منه مطمع، ولا في إحيائه رجاء- وفي غير ما وارت الأرض فاطمع- وتصدق بها سيدنا ومولانا السلطان الأعظم (ويذكر ألقابه واسمه) - تقبل الله صدقته- وعفا عنها، وقطع الرجاء باليأس منها، وأبطل منها كل حق يطلب، وصفح منها عن كل ذنب كان به يستذنب، ودفنها تحت قدمه، ونسيها في علم كرمه، وخلاها نسيا منسيا لا تذكر في خفارة ذممه، وجعله بها مقيما في أمر الله إلى أن يبعث الله خلقه، ويتقاضى كما يشاء حقه، لا يعقب في هذا الأمان معقب، ولا ينتهي إلى أمد له نظر المترقب، لا ينبش هذا الدفين، ولا يوقف له على أثر في اليوم ولا بعد حين، ولا يخشى فيه صبر مصابر، ولا يقال فيه إلا: وهبها كشيء لم يكن أو كنازج به الدار أو من غيبته المقابر.
ورسم بالأمر الشريف العالي، المولوي، السلطاني، الملكي، الفلاني، أعلاه الله وشرفه، وغفر به لكل مذنب ما أسلفه، أن يكتب له هذا الكتاب بما عفي له عنه وحفر له ودفن، وأصبح بعمله غير مرتهن، ودفن له فيه دفن العرب، وقطع في التذكر له أرب كل ذي أرب، ودرس في القبور الدوارس، وغيب مكانه فيما طمر في الليالي الدوامس.
وسبيل كل واقف على هذا الكتاب- وهو الحجة على من وقف عليه، أو بلغه خبره، أو سمعه، أو وضح له أثره- أن يتناسى هذه الوقائع، ويتخذها فيما تضمنته الأرض من الودائع، ولا يذكر منها إلا ما اقتضاه حلمنا الذي يؤمن معه التلف، وعفونا الذي شمل وعفا الله عما سلف).